السلام عليكم
بن لادن مات .. فماذا بعد ؟
رغم قوتهم عسكريا و دبلوماسيا و اقتصاديا .. كلما حاول الغرب الحصول على مصلحة له عندنا , خلق الحجج و تمسكن حتى التمكن , و هو ما لا يوازي قوة مرعبة في يدهم قد تمكنهم من حسم ما يريدون دون اللجوء للحيل و الطرق الملتوية . في السابق دخلوا من باب الحماية , وفعلوا ما أرادوا بمساعدة خونة الداخل , و تمكنوا من النهب و السلب , و قوموا اقتصادهم المنهار أنذاك , و حرروا بلدانهم المستعمرة من هتلر بدم رجالنا الأبرار , و سرقوا الثروات الطبيعية و الأدمغة النابغة التي جعلوا لها في بلدانهم مقاما .. , قبل أن نستفيق في أخر المطاف لمعركة التحرير , بعد أن علمنا أنه هالة خادعة فقط يمكن نزعها , أو كما يقولون هم ربما بعد أن لم تعد لهم مصلحة في البقاء , فسموه الانسحاب , و سميناه الاستقلال .
بعد مرور الأيام و غمرة الفرح بالاستقلال و التي أخذت منا الكثير , أدركنا أنهم ربما من كانوا على حق , بعد أن " ابتكروا طرقا جديدة لاحتلالنا من جديد , طرق لن تكلفهم مالا و لا عتادا و لا رجالا , بقدر ما تكلف من الذكاء و الاستقواء بالعضلات المنتفخة في شتى المجالات : اقتصاديا , سياسيا , ثقافيا , اجتماعيا , و لو اقتضى الأمر عسكريا كذلك . و لفرض قيودهم علينا , و لاستباحة ما في يدنا كان لزاما عليهم اختلاق الأسباب مرة أخرى , و ما كان الحادي عشر من سبتمبر سوى تاريخا لعالم جديد , تاريخ جديد سيكتب و انطلقوا فعلا في تحريره منذ ذلك الحين .
بن لادن و القاعدة , أو الفزاعة التي جعلوها سببا لكل شيئ , فصارت الأراضي مفتوحة في سبيل القضاء على فيروس سموه القاعدة و قالوا عنه أنه استشرى في كل جسد هذا العالم , و الاتفاقيات الاقتصادية صار لزاما على الضعاف مثلنا الخضوع لها و ليس الأمر الا سبيلا لتقوية الاقتصاد العالمي في وجه نفس تلك القاعدة التي تهدد بنسفه كاملا , ولو لم يجدوا حرجا لجعلوا القاعدة هي كذلك خلف الأزمة الاقتصادية التي ألمت بالعالم , و نسارع لتخطيها حتى الآن .
لست هنا للدفاع عن القاعدة أو بن لادن أو حتى اتهامهم فهذا أمر لا يعنيني في شيئ , بل أنا هنا للحديث عن الاستعمار الجديد الذي يستهدفنا و نقف عاجزين عن الحراك أمامه , فبوش رئيس الولايات المتحدة السابقة أذكره جيدا عندما قال : " لا وقت للتراجع إما أنتكون حليفا لنا أو عدوا لنا " ,قالها عندما هاجم الأفغان في ديارهم , و عندما دخل العراق على رجالها بذريعة الأسلحة المحرمة, وبعد أن تمكنوا من العراق علمنا مع كامل الآسف أن الفكرة التي آمنا بها بل وصدقناها , كانت خدعة , و ها هم أنفسهم يعترفون بهذا الأمر و أنه لا تواجد لأسلحة محرمة في بلاد الرافدين , و اليوم و بعد سنوات من مطاردة بن لادن في العالم ككل ها هم يقولون أنه قد مات .. فماذا بعد ؟
خرجوا في السابق من ديارنا بعد أن توصلوا للاحتلال الجديد أو الثاني , و اليوم يعلنون أن المسبب بهذا الاحتلال الثاني و الذي رفضوا الاعتراف به مرار قد تم القضاء على مسببه الأساس , لنعلم في أخر المطاف أنه يجب علينا التحرر من كل تلك القيود التي وضعوها لنا لأنهم بدأوا في التخطيط لاحتلال ثالث , يكون خليفة لذلك الذي جعلوه بعبعا و صنعوه من بن لادن والقاعدة , الظواهري و طالبان و صدام و أسماء أخرى .. , نعم يجب التحرر من هذا الاحتلال الذي صاروا فيه هم من يجندنا في الحقيقة , صاروا هم من يمكنهم الدفع بشاب للانفجار أوالانتحار أو اليآس و الجلوس حتى الممات . احتلال فكري صارخ نصبوه بإعلامهم القوي و المتجبر واعلامنا المتواطئ لأبعد الحدود , احتلال نصبوه بتدخلهم في مقرراتنا التعليمية , و كذلك بجعلنا عبدا مطيعا لا يقدر على الاستفسار حتى , فكيف تكون له القدرة الرفض ؟
بن لادن الذي لم أعرفه يوما , و الذي لم أستطع حتى التأكد من أنه وجد في هذا العالم مات , فهم من قالوا أنه زعيم القاعدة , و هم من قالوا أنه مات , و هم ربما من سيكررون يوما سيناريو العراق ليقولون لنا عفوا لقد كانت خدعة السنين , و ليست بخدعة أبريل ..
لسنا أعزلين في هذا العالم , فلقد جعل لنا الله تعالى مفكرين اهتزت لعظمة فكرهم بيوت العلم و الثقافة في الغرب , و رفضوا الانصياع و فضلوا العيش و الممات في بلدانهم التي لم يعرفوا غيرها , أطال الله في عمر : العروي و كتاباته التي لن يرصدها الاعلام العربي قط , و أطال الله في عمر كل مفكر رسم لهاته الأمة طوق نجاة لإنجادها من احتلال فكري قيدنا حتى الاختناق .