الرياضيّات
الرياضيّات نظام للتفكير المنظّم يتّسع تطبيقه باستمرار. وهو علم الدراسة المنطقية لكم الأشياء وكيفها وترابطها, كما أنه علم الدراسة المجردة البحتة التسلسلية للقضايا والأنظمة الرياضية.
وَللرياضيّات ثلاثة أوجه رئيسيّة (الجبر والهندسة والتحليل):
فتركيب مجموعات الأجسام وضمّ بعضها إلى البعض الآخر أدّى إلى مفاهيم العدد والحساب والجبر؛ بينما أدّى الإهتمام بقياس الزمان والمكان إلى الهندسة وعلم الفلك ومفهوم التسلسل الزمني. أما المجهود المبذول لفهم فكرتيّ الاستمرار والحدّ فقد أدّى إلى التحليل الرياضي وإلى اختراع الحسابين التفاضلي والتكاملي في القرن السابع عشر. هذه الأوجه الثلاثة للرياضيّات تتداخل إلى حدّ كبير.
الحساب
يشمل دراسة الأعداد الصحيحة والكسور والأعداد العشرية وعمليات الجمع والطرح والضرب والقسمة. وهو بمثابة الأساس لأنواع الرياضيات الأخرى حيث يقدم المهارات الأساسية مثل العد والتجميع الأشياء والقياس ومقارنة الكميات.
برزت اهمية معدّلات التغيّر في الفيزياء عام 1638، عندما وجد غاليليو (1564 ـ 1642) ان سرعة جسم يهبط في الفضاء أو يُرمى به فيه، تزداد باطّراد، أي أن معدّل ازدياد سرعة الجسم إلى أسفل هو ثابت . لكن ما هو مسار ذلك الجسم؟ حُلّت هذه المسألة بوضوح ونهائياً بفضل عبقرية اسحق نيوتن (1642 ـ 1727) وغوتفريد ليبنتز (1646 ـ 1716)، وكان حساب التفاضل والتكامل الذي اكتشفاه، الأداة المستعملة لهذا الغرض. حساب التفاضل والتكامل يعطي طرائق الحصول على التسارع انطلاقاً من السرعة، وعلى السرعة انطلاقاً من الموقع، موفراً الحل الدقيق للمسألة بكاملها.
في الميكانيكا، وهي فرع الفيزياء الذي وضع حساب التفاضل والتكامل من أجله، نجد هذا النوع من الحساب في جميع نواحي قانون نيوتن الثاني للحركة: القوة تساوي حاصل ضرب الكتلة بالتسارع. فإذا كانت اثنتان من هذه الكميات الثلاث معروفتين، فالمعادلة تكشف فوراً قيمة الثالثة.
الجبر
خلافاً للحساب, فالجبر لا يقتصر على دراسة أعداد معينة, إذ يشمل حل معادلات تحوي أحرفاً مثل س وص, تمثل كميات مجهولة. كذلك يستخدم في العمليات الجبرية الأعداد السالبة والأعداد الخيالية (الجذور التربيعية للأعداد السالبة).
في علم الحساب، تُمثَّل بالأعداد مختلف الكميات، كالاطوال والمساحات ومبالغ المال. إلا أن بعض المسائل الرياضية تهتم بالبحث عن عدد يمثّل كمية مجهولة. إذا كان مثلاً مجموع عددين 10 وكان احدهما 6، فما هو العدد الآخر؟ الجواب على هذه المسألة البسيطة هو 4. إلا أن أصول العثور عليه تقنة اساسية من تقنات الجبر. لحل هذه المسألة في علم الجبر، نمثّل العدد المجهول بحرف س ونقول: لدينا س+ 6= 10 (هذه معادلة جبريّة)؛ بطرح 6 من كلا الطرفين تتبسّط المعادلة: س= 10- 6= 4. فبِجَعل الحرف س يمثّل الكمية المجهولة، تمكنّا من حل المسألة.
الرياضيون الاغارقة والعرب:
استعمل رياضيون اغارقة، ومنهم ديوفانتوس (القرن الثالث ق.م.)، الأحرف في المعادلات. لكن كلمة الجبر اتت من العربية. ومعناها تجبير العظام، وقد جاءت جزءاً من عنوان كتاب للرياضي العربي الكبير الخوارزمي. بحلول القرن السادس عشر أصبحت المسائل الرياضية تصاغ في الغرب بتعابير جبريّة. وقد بدأ بذلك في فرنسا فرنسيسكوس فياتا (1540 ـ 1603) . ثم ادخل الرياضي الفرنسي رينيه ديكارت (1596 ـ 1650) الاصطلاح الذي اصبح شائعاً لاستعمال الأحرف الأخيرة من الابجدية اللاتينية (X, Y, Z) للدلالة على الكميات المجهولة، والاحرف الأولى (a, b, c) للحلول محل الاعداد المعلومة.
المعادلات والصيغ الجبرية:
تطبّق عملياً المعادلات الجبرية العاديّة في الصيغ المختلفة المستعملة في العلوم، ولا سيما في الرياضيات والفيزياء. فحجم الاسطوانة مثلاً يعطى بالمعادلة: ح= ؟ ش 2 ر، حيث ح تمثّل حجم الاسطوانة و ش شعاع احدى قاعدتها و ر ارتفاعها.
تعالج المعادلات والصيغ الجبرية حسب قواعد ثابتة. فبالامكان مثلاً تغيير المعادلة السابقة لمعرفة ارتفاع اسطوانة ذات حجم معيّن إلى المعادلة: ر= ح/؟ش 2. هذه الصيغ هي عامة، وتطبّق على جميع الاسطوانات، سواء كانت طويلة ورفيعة أو قصيرة وثخينة. هنالك صيغ مماثلة لمساحات جميع الاشكال الهندسية العادية واحجامها.
كثير من المسائل الجبرية تحتوي على أكثر من كمية مجهولة واحدة. لنأخذ مثلاً مسألة اكتشاف عددين موجبين يكون حاصل ضربهما 15 وباقي طرحهما 2. لنمثّل العددين بالحرفين س و ص، ولنترجم المعطيات بالمعادلة: س× ص= 15. لهذه المعادلة عدة حلول: 6×2,5 أو، 3 و 5؛ 7,50 و 2 الخ. لاجراء العملية علينا استعمال المعطيات الأخرى حول «الفرق»، فنحصل على المعادلة: ص- س= 2. لكي نعرف قيمة ص، نحوّل هذه المعادلة إلى: ص= س+ 2 ثم نستبدل قيمة ص هذه في المعادلة الأولى، فنصل إلى المعادلة س× (س+ 2)= 15 أو س 2+ 2 س- 15= صفر، يساعد الجبر على فهم الأحاجبي والتناقضات الظاهرية. فأي عدد مؤلف من ثلاثة أرقام، ويساوي الرقم الوسط فيه مجموع الرقمين الآخرين، هو عدد قابل للقسمة على 11. لماذا؟ يمكن الحصول على الجواب بواسطة الجبر. الحل في هذا الجدول اعداد مؤلفة من 3 أرقام. ولها جميعها خاصّتان مشتركتان: الأولى أن الرقم الأوسط يساوي حاصل جمع الرقمين الآخرين، الثانية أن هذه الاعداد جميعها قابلة للقسمة على 11. إذا مثّل س الرقم الأول و ص الرقم الثالث يكون الرقم الأوسط: (ص+ س) . وتكون قيمة العدد بكامله: 100 س+ 10 (س+ ص)+ ص أي 110س+ 11ص؛ يعطي اختزال العبارة وتحليلها إلى عواملها: 11 (10س+ ص) . وهي صيغة نهائية تطبّق على جميع الأعداد في الجدو ويظهر منها أن هذه الأعداد قابلة للقسمة على 11.